هل تقدّمت المعرفة أم تعمّم الجهل ؟ تقديم الإعلامي زاهي وهبي

هل تقدّمت المعرفة أم تعمّم الجهل ؟

    ذكر زاهي وهبي في محاضرته (هل تقدّمت المعرفة أم تعمّم الجهل ØŸ ) أنّ الحدود الجغرافيّة بين كثير من دول العالم أصبحت قائمة فعلاً، وتمنع النّاس من اللّقاء الحقيقيّ، لكنّ الحدود الافتراضيّة مفتوحة، وتُتِيح لهم التّواصُل، وغدت هذه الحدود نوافذ حقيقيّة، وتلعب دوراً كبيراً في التّثاقف، والتّأثير والتأثُّر، مع أنّ بعضهم يحاول إقامة حدود أيديولوجيّة أو دينية لعزل الناس عن بعضهم، ومنعهم من أن يشكلوا كتلة اجتماعية متجانسة.

   وقد أخذت المعلومات تنثال على حياتنا بيسر، لكنّ سهولة الحصول عليها لا تساهم في تكوين نزوع معرفيّ لدى الجيل الشّابّ، ولا تُشكِّل وسيلة لتعزيز الرّغبة في البحث، ولذلك شكّلت التكنولوجيا بالنّسبة إلينا نقمة لا نعمة، وغدت وسيلةً لنشر التّبلُّد والرُّكون إلى الدَّعة، والميل إلى الكسل والتّواكُل، وفي رأيه أنّ هذه النّزعة ليست موجودة بهذه الحدَّة إلا في بلداننا العربيّة التي ركنت إلى النّهل من معين ما يُنتِجه الآخر من وسائل تواصُل حديثة من دون أن تُحسِن توظيفه واستثماره في الارتقاء بحياتها كما ينبغي.

    وفي رأيه أيضاً أنّ نمط حياتنا استجاب للتغيُّرات التكنولوجيّة والرقميّة بطريقة سلبيّة، بحيث غدونا عاجزين عن التّعبير عمّا نحسُّ به من مشاعر تجاه الآخرين كما ينبغي، وهكذا غدت وسائل التّواصُل الاجتماعيّ في حياتنا وسائلَ انفصال لا تواصُل، بعد أن كنَّا في الماضي نُحسِن التّعبير تُجاه من نحبّ بطريقة أرقى بكثير ممّا نفعل في الوقت الحاليّ.

وذكر الأستاذ وهبي أنّ برامج السوشيال ميديا خلقت فرصة للموهوبين والمبدعين كي يُظهِروا مواهبهم وإمكاناتهم، وأصبحت نافذة مهمَّة للتّواصُل بينهم، وذلك مهمٌّ بلاشكّ في ضوء التّقصير الذي يلاقيه الموهوبون والمبدعون في عالمنا العربيّ، مع ما يحمله ذلك من إمكانيّة ظهور ذوي الإمكانات المُتدنِّية الّذين لا يملكون ما يُؤهِّلهم للظُّهور والتأثير اليجابي في عقول المتلقِّين وذائقتهم.