كأنّ الرّيح تحتي تقديم سناء السعد

كأنّ الرّيح تحتي

      Ø°ÙƒØ±Øª المحاضرة سناء السّعد أن برامج التّواصُل الاجتماعيّ كـ ( تيوتر، وإنستغرام، وفيس بوك وغيرها) جعلتنا نستبدل عالمنا الحقيقيّ بعالم افتراضيّ مُتخيَّل، ودفعتنا إلى اللُّهاث والرّكض في حياتنا كأن الريح تحتنا، على حدّ تعبير شاعرنا العظيم المتنبّي، وإلى تسليم خصوصيّاتنا للآخرين من دون أن نفكِّر فيما إذا كان ذلك يفيدنا أو يفيدهم، وهكذا جرينا كالمسحورين في فضاء هذا العالم، وغدونا مأخوذين به، وحريصين على التّواصُل مع البرامج التي تُبقِينا داخله، وأصبحين متوتِّرين لا همّ لنا إلا المشاركة في فضائه، وبثّ تفاصيل حياتنا فيه، قاطعين علاقتنا مع منْ نحبُّ، مُهمِلين واجبنا تجاه أهلنا وأقاربنا وأبنائنا، فغدونا مغتربين عن واقعنا ومنفصلين عن عالمنا الحقيقيّ، ولم يقتصر بعضنا على منح جزءٍ من وقته لهذه البرامج، بل أصبحت هذه البرامج تستغرق وقته كلَّه، وغدا مُدمِناً عليها، لا يستطيع الاستغناء الانفصال عنها، وغدا بعضنا غير قادر على الفصل بين العالم الحقيقيّ الذي يعيش فيه، ويتحرّك بين جنباته، والعالم الافتراضيّ الذي دخله، ولا شكّ في أنّ ذلك خطير، وينبغي أن يدفعنا إلى رسم علامات استفهام حوله بغية تصحيحه واستبداله بالأجدى والأنفع.  

   إنّ برامج التّواصُل الاجتماعيّ سلاح ذو حدين، وينبغي أن نستخدمها بحذر شديد، وأن نوظِّفها للارتقاء بحياتنا، وتحسين علاقتنا بالآخرين، وتوثيق علاقتنا بواقعنا، وإذا لم نفعل ذلك غدت هذه البرامج نقمةً لا نعمة، وصارت عبئاً علينا، وأداةً لتخلُّفنا، وفصلنا عن واقعنا ومجتمعنا، واغترابنا عن أنفسنا، وعن العالم الذي نعيش فيه.