النساء قادمات

 Ù†Ø¨Ø°Ø© النيل والفرات:
"في بداية تعرفها على سالمين لم يكن بهذه الأهمية، لم يكن سوى مريض تعالجه من حالة رهاب الجرس ومتلازمة الوسواس/الوهم، العلاج كان مجانياً لأن حالة سالمين تناسب بالضبط رسالتها للدكتوراه. هذا كان في البداية قبل أن يقع اختيار منظمة اليونيسكو على سالمين ضمن عينة تجربة قياس العناصر الخالقة للإرهاب، عينة التجربة مائة عربي يخضع كل عشرة منهم لدارسة تخص أحد العناصر الخالقة للإرهاب. القاسم المشترك في كل أفراد العينة أن يكونوا كلهم مسالمين حتى النخاع وأبعد ما يكونون عن التمرد والعنف والإرهاب... سالمين كن كذلك. الرجل لقطة، لا شك في ذلك. مسالم حتى النخاع. رائع! لكن ما هو أكثر روعة بالفعل أن تاريخ هذا الرجل الرائع يخلو تماماً من أي عداء لأمريكا. عظيم! هذا بالفعل ما تحتاجه اليونيسكو؛ رجل عربي مسالم حتى النخاع لا يحمل أي عداء لأمريكا يخضع بشكل مكثف لما يسمى، حسب تعبير اليونسكو، بالعنصر الأمريكي؛ أحد العناصر الخالقة للإرهاب، من خلال محاضرات سياسية تعري العربدة والغطرسة الأمريكية عالمياً! على أن تكون متزامنة مع جرعات مكثفة من أفلام الرعب والعنف الأمريكية. لحسن الحظ ما كان لليونيسكو أن تختار المريض دون معالجته. بالفعل، بناء على توجيه من الدكتورة جهير، تصبح هذه السيدة واحدة من الأخصائيات اللواتي كلفن على طول الوطن العربي وعرضه، بدراسة ظاهرة الإرهاب. طبعاً اختيار اليونسكو لهذه السيدة لم يأت لمجرد توصية جهير فحسب؛ بل جاء بعد تقييم متأن لما تتمتع به هذه السيدة من ميزات. هذه السيدة تحضر رسالة دكتوراه، تحت إشراف الدكتورة جهير، في موضوع (متلازمة الفاقة المعرفية/الوهم/العنف في دول العالم الثالث)، بالضبط يناسب تجربة اليونيسكو. ليس هذا فحسب؛ هذه السيدة تملك خلفية إعلامية معمقة، فهي تشرف على صفحة المجتمع في مجلة أنداد الأسبوعية، وتقيم شبكة علاقات وطيدة مع النخبة الإعلامية النسائية في المجتمع، مما يمكنها من الاطلاع على بواطن الأمور ورصد مجريات الحياة الاجتماعية واستطلاع توجهاتها وإفرازاتها".

إرهاب، ديموقراطية، حرية المرأة... مفردات تتوارد بكثرة في سرديات "نساء قادمات" التي يمكن بإحدى جوانبها التعبير عن حال المجتمع العربي، وعن أمراضه التي يعاني منها والتي تبدو في كثير من الأحيان مستعصية. يسوق الروائي نظراته النقدية ضمن إطار روائي مغلف بالكثير من الرمزية المستحضرة من خلال أسماء شخصيات وتوجهاتها، وكذلك من خلال الأحداث التي تعبر عن مدى رفض الإنسان العربي المسالم لواقعه، متحولاً إلى شخص متحدٍّ لكل الظروف والأحوال حتى لو كلفه ذلك حياته.