بنت المطر
فجأة تحين من لطيفة التفاتة نحو الباب. ظلٌ طويلٌ يتهادى, له ملامح شرقية. و فجأة, بدا الشاب الغريب كأنه يتجه إليها.
لأول مرة تقف لطيفة أمامه وجهاً لوجه. إنه هو, لكنه هذه المرة أجمل. و هذه المرة تحدق فيه مذهولة, تتشرب بذلته الكحلية, و حبات المطر التي تبرق على شعره الأسود اللامع, كأنها حبات ألماس.
مسح الرجل على شعره, و بدا كأنه غير مصدق. للمرة الثالثة يصادفها, فمن يصدق؟ أما لطيفة, فقد أخفت الفرحة التي ضرجت وجنتيها و هي تتساءل عما جاء به الآن, كأن لم تكفه مطارادته لها في أحلامها, في حلها و ترحالها, في يقظتها و منامها. حتى هنا, في أقصى مكان على الأرض, يطلع في دربها, فتصير كالريشة في مهب الريح, تتقاذفها الأهواء لتعرفها بهذا الشاب الغريب, و تسلمها إلى جماله الطاغي.
عندما خرجت لطيفة, كانت السماء لا تزال نمطر, و بدت لطيفة تنوح في صمت: السماء تبكي و دموعي حبيسة.
و تموج السؤال في صدرها كما في السماء: من هي بنت المطر؟
و تموج صوت الشاب الغريب:
بنت المطر كائنٌ صغير و جميل, لونه أحمر, و لا يخرج إلا بعد سقوط المطر.
بنت المطر في أي مكان بشارة بالخير.
و هذه الفتاة لطيفة ذكرتني ببنت المطر التي كنا نراها صغاراً. لطيفة بشارة خير, و هذا هو الحب